كلامى

الحلم اصله فكره , و الفكره اصلها خيال , و الخيال اصله أمل

الاثنين، 4 فبراير 2013

صاحب القلب المحروق


حينما مر من مدخل هذا المطعم الفخم برفقه هذه الفتاه لم يستطع منع تلك الذكرى شبه المنسيه من إختطاف نفسه إلى يومها , اليوم الذى رافق فيه هذه الفتاه المتهوره فى هذا المطعم الرديء , هذا الشاب المتأنى فى حياته كان عليه أن يتحمل هذا المكان الرديء المليء بمختلف أنواع الأزعاج .
و الأن وهو فى هذا المطعم الفخم الذى أعتاد على أمثاله مع هذه الفتاه التى بالتأكيد لا تستحق ذلك , يمسك يدها و يعبر بها ذلك الممر الواصل بين مدخل المطعم و قاعة الطعام يستمع خلاله لصوت ضربات حذائها الرخيص بالأرض الرخامية .
جلس معها على طاولة أعدت مسبقاً لهم فى ركن هاديء بعيد عن بقيت الزبائن كما أحب دائماً , أخذ ينظر إلى الفتاه فى حاجه إلى تذكر مره آخرى لماذا عرض عليها مرافقته إلى هذا المكان وهو لا يشعر تجاهها بأى مشاعر ولا حتى تقبل لشخصيتها المعدومه , أنها مجرد فتاه ليس بداخلها اى فكر , يمكنه ان يعدلها كما يشاء ومن الواضح أنها تحبه و لن يحدث و تخونه كما فعلت به غيرها و سيحاول أن لا يخونها بدوره كما فعل هو بأخرى .
و السبب الأهم هو أن يتخطى هذه الفتاه المتهورة مُحِبته  التى وجد معاها كل ما يتمناه و يبحث عنه و لم يجده مع من سبقها . 
هو لا يحب الامكان الرديئة ولا الضوضاء و الأختلاط بالغرباء و لكنه أحب المتهورة .
و لكن آتت هذه المتهورة بعد حرق قلبه بسبعه قبلها , منهن من حرق جزءاً من قلبه بأفعالهن و باقي قلبه حُرق ندماً على ما فعله هو بهم .
كثرة تجاربه أحرقت قلبة الشاب فلم يعد صالحاً لأكثر من تذكر الماضي و البكاء عليه  , و خوفه بان تلحق هذه المتهورة بمثيلتها  جعله يبعد من البداية , أما هذه الفتاه الطيبة التى لا تستحق التواجد فى هذا المكان لأنها لا تمتلك شخصية من وجهة نظره فلا يخاف عليها كثيراً لأنه ببساطه لا يحبها كثيراً .
لكن صاحب القلب المحروق نسى أن الذى يحب يفعل أى شيء للوصول لمحبوبه , حتى لو كان هذا الشيء هو تخليه عن شخصيته . 

السبت، 2 فبراير 2013

الحياة



يدير مفتاحة فى الباب ثلاث مرات بطيئة ليستمتع بسماع صوت تخبط المفاتيح , ينفتح الباب لكنه يظل واقفاً فى الممر أمام شقته ينظر إلى الظلام الساكن بها , بعد عدة دقائق يقرر الضغط على مفتاح الإضائة ليظهر معالم بيته , يتقدم خطوتان و يغلق الباب لكنه يظل واقفاً يمعن النظر فى كل موضع أمامه لا يصدق أن هذا المكان عاش فيه أخر عشرة سنوات من حياته , هذا المكان كان و لفترة طويلة حلماً يسعي لتحقيقة بكل طريقة ممكنه , هذا المكان بالنسبة له هو إعلان إستقلاله عن أى شيء يمكن أن يتدخل فى حياته و أى شخص يريد التحكم فى مساره , هذا المكان بالنسبة له كان رمز لحريتة الشخصية و بداية حياته المستقلة , و لكن أين هى هذه الحياه .
بعد تقدمه عدة خطوات آخرى و جد نفسة أمام مكتبة و بطريقة لا إرادية فتح درج مكتبة الآخير ليخرج منه علبة سجائره الغالية و أخرج منها أحد سجائرها وهو يعلم أنها أخر سيجارة سوف يدخنها للأبد , أخذها مع قداحته الغالية هى الآخرى ليجلس على كرسية الخشبى داخل تراس شقته الكبير , عدل من وضع الكرسي فهذه المره ليس فى حاجه ليرى المدينة هذه اللحظات الأخيرة يجب أن يقضيها مع شقتة , جلس على الكرسي و أشعل سيجارته و أخذه ينظر إلى الآركان .
كان يتذكر أن هذه الشقة كانت أوسع من ذلك و لكن ما الغريب فكل شيء الآن أصبح ضيق .
أخذ يتذكر أخر ثلاث أشهر فى حياته و كيف قضاها فى المشفى وحيداً بعد ما أكتشف أنه مصاب بسرطان الرئه و في مرحلة متأخره ,  ما زال مقتنع حتى الآن أن الخبر لم يصل بعد إلى عائلته , أبتسم قليلاً وهو يتذكر كيف كان يسعى بكل الطرق للهرب من عائلته و عشق الوحده حتى أنه و بعد سنواته الخمس و الثلاثون لم يتزوج هرباً من أى شيء يقف بينه و بين حريته و أستقلاله .
أبتسامته كانت ساخره لأنه و طوال الثلاث أشهر الماضيه كان يتمنى كل ساعه أن لا يكون وحيداً . 
و سريعاً دفنت أبتسامته عندما تذكر أصدقائه الذى لم يكن ينتظر منهم الكثير , و لكن لا شيء على الأطلاق كان أمراً صعباً .
الأن عاد ليرى ما خرج به من حياته , حياة الحرية و الأستقلال , لم يخرج بأهل ولا زوجه و أطفال ولا حتى أصدقاء , بل خرج بهذه , هذه الشقة الكئيبة رمز الحرية و الأستقلال , فكانت هى من يستحق مشاركتة فى لحظاته الأخيرة .
و قبل أن تنتهي سيجارتة أخرج من صدره دخانها و خرجت معه روحه الوحيده .     

الجمعة، 1 فبراير 2013

عم على




منذ بداية اهتمامي بالأنشطة الثقافية تشابهه جميع الأحداث عدا واحده , لا أقدر أن أنسى هذا اليوم عندما دعاني صديق لحضور ندوة لشاعر ما , وقتها لم أكن أعطى للشعر مقدار كبير من اهتمامي و مع ذلك قررت الذهاب معه لمجرد الحضور .
كان الميعاد الساعة السادسة و النصف كما أخبرني الصديق وصلنا في تمام السادسة و قابل صديقي أحد المنظمين و عرفني عليه , شاب صغير عاد من مدرسته الثانوية مسرعاً للحضور باكراً في هذا المكان  , هذا المكان الذى أتضح لي أنه مكان مخصص لدروس الكليات .  فيالها من ندوة داخل حجره في منزل .
أتذكر أيضا ً تأخر الشاعر عن الميعاد و حتى أننا وقفنا مع من أنضم إلينا لحضور الندوة في بلكونة هذا المنزل , بعد نص ساعة وقفت سيارة تاكسي أمام المنزل و خرج منها ثلاث أشخاص و قبل التفكير في أمكانية أن يكون الشاعر أحدهم أم لا قال أحد المنظمين في حزم " أتفضلوا على الكراسي الأستاذ جه " مازالت حتى الأن لا أرى سبب مقتنع لطريقته الحازمة .
حضر الأستاذ مع أثنين آخرين حاملين عدد جيد من نسخ لكتاباً له ,  أعتقد أنه أيضاً لم يتخيل أن تكون الندوة بهذا الشكل و لم يخطر على باله أن الحاضرين سيكون عددهم أكثر بقليل من العشرة .
في هذا الوقت دخل رجل إلى الغرفة و هو يعتذر لجميع الحضور عن تأخره و قابلة الجميع بترحاب شديد , كان هذا الرجل غريباً يبدو عليه البساطة الشديدة من سروالة القماشي و قميصه المشجر الذى لا يظهر منه الكثير بسبب " السويتر " و أيضاً شكل التجاعيد على وجهه و ذقنه الغير حليقة و عندما تكلم ظهرت أسنانه الصفراء  الغير منتظمة    .
فضولي يداعب عقلى من جديد اذا فهذا الرجل من البسطاء المحبين للأدب ومن الغالب أنه عامل في أحدى الشركات الحكومية الكبرى إذا نحن أمام مثقف مكافح و يمكن أن يكون أسمه " عبده " .
بدأ الكلام في الندوة بين الشاعر و الحضور حتى علمت أن أسمه " عم على " .
الاختلاف ليس كبيراً بين عبده و على فأكتفي بتعديل الاسم فقط مع الإبقاء على باقي القصة .
 تكلم الجميع عن أشياء لا تهمني و لم أستفد منها بشيء سوى أنى علمت أن هناك خلاف دائم و مستمر بين شعراء العامية و الفصحى  , ما لفت أنتباهى هو نظرات الأستاذ المتتالية و الطويلة لي و لم أجد شيء أرضي به فضولي هذه المرة .
انقضى وقت الندوة بطيئاً و خرجت مسرعاً و وقفت أمام المنزل منتظراً خروج صديقي و أفكر في شخصيه عم على و تبرير نظرات الأستاذ , بعد دقائق خرج صديقي و أقترح على الذهاب إلى مقهى قريب سيتجمع به بعض أصدقائه و لان طريقته اقتراحه كانت متحيزه للموافقة فذهبت معه و جلسنا على المقهى و مر القليل حتى آتى أصدقائه   . أنهم نفس الأشخاص الذين كانوا في الندوة و بينهم الشاعر نفسه .
اذا هذا يفسر الكثير فجميع من كان في الغرفة هم أصدقاء الشاعر فمن الطبيعى  أن ينظر إلي الشاعر كثيراً فأنا الوحيد في الغرفة الذى لا يعرفه   ,  صدمت لفتره من الوقت و لكن صمتي الدائم حال دون ان يشعر أحد .
في المقهى كانت الفرصة أكبر ليتكلم عم على , عم على رجل يدخل قلبك من اول وهله  , يحب شعر العامية و مؤمن أنه يصل للناس أسرع , يحب و يقدر فؤاد حداد و يرى أن صلاح جاهين مجرد  محظوظ , يشجع الشباب من حولة على أي شيء يندرج تحت الأدب أو الفن .
عدت إلى بيتي و قد كسبت من هذا اليوم عم على , فيما بعد أخبرني صديقي بمهنة عم على الحقيقية و لكنني أخترت أن أنساها فخيالية المثقف المكافح أفضل بكثير من الحقيقة أياً كانت , رأيت عم على بعد ذلك أكثر من مره في أكثر من ندوة في مدن متفرقة ينال فيها الكثير من الاحترام و التقدير .
في هذا اليوم فقط اكتشفت أن المجتمع الأدبي مجتمع راقي لا يهمه ما هو عملك ولا وضعك المالى ولا ملامحك , المهم فقط هو مقدار معرفتك .