منذ بداية اهتمامي بالأنشطة الثقافية
تشابهه جميع الأحداث عدا واحده , لا أقدر أن أنسى هذا اليوم عندما دعاني صديق
لحضور ندوة لشاعر ما , وقتها لم أكن أعطى للشعر مقدار كبير من اهتمامي و مع ذلك
قررت الذهاب معه لمجرد الحضور .
كان الميعاد الساعة السادسة و النصف كما
أخبرني الصديق وصلنا في تمام السادسة و قابل صديقي أحد المنظمين و عرفني عليه ,
شاب صغير عاد من مدرسته الثانوية مسرعاً للحضور باكراً في هذا المكان , هذا المكان الذى أتضح لي أنه مكان مخصص لدروس
الكليات . فيالها من ندوة داخل حجره في منزل
.
أتذكر أيضا ً تأخر الشاعر عن الميعاد و حتى
أننا وقفنا مع من أنضم إلينا لحضور الندوة في بلكونة هذا المنزل , بعد نص ساعة
وقفت سيارة تاكسي أمام المنزل و خرج منها ثلاث أشخاص و قبل التفكير في أمكانية أن
يكون الشاعر أحدهم أم لا قال أحد المنظمين في حزم " أتفضلوا على الكراسي
الأستاذ جه " مازالت حتى الأن لا أرى سبب مقتنع لطريقته الحازمة .
حضر الأستاذ مع أثنين آخرين حاملين عدد جيد
من نسخ لكتاباً له , أعتقد أنه أيضاً لم
يتخيل أن تكون الندوة بهذا الشكل و لم يخطر على باله أن الحاضرين سيكون عددهم أكثر
بقليل من العشرة .
في هذا الوقت دخل رجل إلى الغرفة و هو
يعتذر لجميع الحضور عن تأخره و قابلة الجميع بترحاب شديد , كان هذا الرجل غريباً
يبدو عليه البساطة الشديدة من سروالة القماشي و قميصه المشجر الذى لا يظهر منه
الكثير بسبب " السويتر " و أيضاً شكل التجاعيد على وجهه و ذقنه الغير
حليقة و عندما تكلم ظهرت أسنانه الصفراء الغير منتظمة .
فضولي يداعب عقلى من جديد اذا فهذا الرجل
من البسطاء المحبين للأدب ومن الغالب أنه عامل في أحدى الشركات الحكومية الكبرى إذا
نحن أمام مثقف مكافح و يمكن أن يكون أسمه " عبده " .
بدأ الكلام في الندوة بين الشاعر و الحضور
حتى علمت أن أسمه " عم على " .
الاختلاف ليس كبيراً بين عبده و على فأكتفي
بتعديل الاسم فقط مع الإبقاء على باقي القصة .
تكلم الجميع عن أشياء لا تهمني و لم أستفد منها
بشيء سوى أنى علمت أن هناك خلاف دائم و مستمر بين شعراء العامية و الفصحى , ما لفت أنتباهى هو نظرات الأستاذ المتتالية و
الطويلة لي و لم أجد شيء أرضي به فضولي هذه المرة .
انقضى وقت الندوة بطيئاً و خرجت مسرعاً و
وقفت أمام المنزل منتظراً خروج صديقي و أفكر في شخصيه عم على و تبرير نظرات
الأستاذ , بعد دقائق خرج صديقي و أقترح على الذهاب إلى مقهى قريب سيتجمع به بعض
أصدقائه و لان طريقته اقتراحه كانت متحيزه للموافقة فذهبت معه و جلسنا على المقهى
و مر القليل حتى آتى أصدقائه . أنهم نفس الأشخاص الذين كانوا في الندوة و
بينهم الشاعر نفسه .
اذا هذا يفسر الكثير فجميع من كان في الغرفة
هم أصدقاء الشاعر فمن الطبيعى أن
ينظر إلي الشاعر كثيراً فأنا الوحيد في الغرفة الذى لا يعرفه ,
صدمت لفتره من الوقت و لكن صمتي الدائم حال دون ان يشعر أحد .
في المقهى كانت الفرصة أكبر ليتكلم عم على
, عم على رجل يدخل قلبك من اول وهله , يحب
شعر العامية و مؤمن أنه يصل للناس أسرع , يحب و يقدر فؤاد حداد و يرى أن صلاح
جاهين مجرد محظوظ , يشجع الشباب من حولة
على أي شيء يندرج تحت الأدب أو الفن .
عدت إلى بيتي و قد كسبت من هذا اليوم عم
على , فيما بعد أخبرني صديقي بمهنة عم على الحقيقية و لكنني أخترت أن أنساها
فخيالية المثقف المكافح أفضل بكثير من الحقيقة أياً كانت , رأيت عم على بعد ذلك
أكثر من مره في أكثر من ندوة في مدن متفرقة ينال فيها الكثير من الاحترام و
التقدير .
في هذا اليوم فقط اكتشفت أن المجتمع الأدبي
مجتمع راقي لا يهمه ما هو عملك ولا وضعك المالى ولا ملامحك , المهم فقط هو مقدار
معرفتك .
(المهم فقط هو مقدار معرفتك )
ردحذفجميله وفكرتها حلوه جدا بس حاول تقلل شويه من الاسلوب المقالي :)
فكرة حلوة يا مود ... تسلم ايديك ... بجد عجبتني اوي
ردحذف